لم أشعر يوما بالانتماء الى كل النساء ...لم تشغلني هواجسهن ولم يثرني مايبهرهن ولم تستهويني قط جلساتهن الطويلة المصحوبة بكؤوس الشاي وأنواع الحلويات المسكرة والمملحة ...لم ادكر يوما أنني خضت في صراعاتهن او حكمت بمنطقهن ، أو تلذذت بمصاب الأخرين وأنا أستمع لحكاتهن وقصصهن المثيرة التي تبدأ ولا تنتهي ...
احسست دائما أنني لا أشبههن ، ولا أقاسمهن ما يبهجهن ...ولا أملك مواهبهن ولا تسليني هواياتهن..
مليئات بالكلام ..وأنا مسكونة بالصمت ..
يحكين أوجاعهن لكل غريب .. وأعيش أحزاني دون تعزية ولا شريك ..
تتشابهن في كل شيء ، نفس الأفكار والأحلام والأوجاع والمتناقضات ..
نفس البيوت ونفس الأفرشة والألوان وغرف النوم والمطابخ والقفاطين ..
لا تختلف سوى الأسماء والأقدار
قليلات هن النساء الاستثنائيات ، متفرقات هنا وهناك ..لسن ثريات ولا فقيرات ..
جميلات ولا عاديات ، سمراوات ولا شقراوات ، متعلمات ولا أميات ..
نساء مختلفات ، يرفضن الاستسلام لنمط الحياة التافه ، والخضوع للعادات البائدة ، وتكريس صورة المرأة الثرثارة السخيفة ، المرأة الدمية الغبية التي تركن شهاداتها التعليمية في زاوية منسية أو تعلقها كصورة ميتة وتعيش أسيرة الحياة الروتينية الزائفة ..
نساء اصبحن كل مطالبهن مادية ، كل أحلامهن مادية ، كل صراعاتهن مادية ..
الاشياء الجميلة ، البيوت والسيارات والمجوهرات والالبسة أحلام مشتركة شرعية بين كل النسوة بمختلف انتماءاتهن ، قد تدخل البهجة على حياتهن لكنها ليست كل شيء كي تصبح الهاجس والأمل الوحيد والمراد والطموح ..حتى وإن كان الثمن الكرامة ، وبمجرد الحصول عليها نظن أننا امتلكنا العالم ، ومسكنا السعادة بقبضة اليد ..
إنه وهم كبير أن نختصر كل أحلامنا في أشياء نشتريها ونسددها أقساطا .. نعلق سعادتنا المرتقبة على مكتسبات مادية محضة ..وننسى قيما كثيرة ..
أناقة الروح لن نشتريها من اي متجر
لذلك لم أحس يوما أنني أنتمي إلى هذا العالم النسوي ، كل يوم يمضي تكبر الهوة بيننا وتبعد المسافات ..لا احتفظ من ذاكراهن سوى بصد شكواهن ومتطلباتهن الكثيرة ..وكلما ارتفعت اصواتهن كلما إزددت صمتا وعزلة وغربة ..
اختار اللباس الذي يشبهني والألوان التي تريحني والاصوات التي تتحدث إلي وحدي ..لا اغادر صمتي إلا لأعبر عن بركان دائم الاشتعال يضيء دواخلي ، يبدو نائما لكنه بلهيب لا ينطفئ..
لا أركض نحو الاشياء لاملكها أنتظر أن تأتيني..
لا أهتم بأسرار الأخرين ، حياة الغرباء لا تشغلني ..جلسات النميمة لا تمتعني ..
لست كل النساء ..
فلا تخاطبني بنون النسوة ..
نادني فقط باسمي
المصدر : المقال بقلم بشرى ايجورك من جريدة المساء